من اهم الأسباب التي دعت لفرض الصوم بعض الأمور الصحية التي تعود بالنفع على الصائم , وهذا ما أكده رسول الله (ص) حيث يقول : (صوموا تصحوا).
ومن هذا المنطلق فإن الشريعة الإسلامية أسقطت وجوب الصوم عن الشيخ والشيخة الكبيرين , حيث أن الصوم يضرهما , بل أكثر من ذلك فقد حرم الإسلام الصوم على من يضره الصوم , كما أن خلفية عدم وجوب الصوم على الصغير تعود لكون الصوم يضره ولا يفيده ...وهذه التشريعات تأتي منسجمة مع قول الرسول (ص) : (صوموا تصحوا) .
وقد قيل بأن الصوم يصفي الدم ويقلل من السكر في الدم كما أن صيام ثلاثين يوما يؤدي للقضاء على الجراثيم التي تعشش في جسم الإنسان... هذا فضلا عن أن الصوم يحقق راحة ضرورية للجسم فاستمرار أجهزة وخلايا وأعضاء الجسد بالعمل يؤدي لتراكم العديد من المشاكل ...والحل يكون بإيجاد فترة زمنية معينة يعطى فيها عطلة لهذه الأعضاء كي ترتاح.
وفضلا عن أن الراحة التي يحظى بها الجهاز الهضمي , فإن ما يرتبط بالجهاز كالكبد والبنكرياس ...يستفيد من فترة الراحة أيضا , حتى أن الفوائد تشمل المصران الغليظ كما يؤكد على ذلك الأطباء.
وزيادة على ما تقدم , فإن هناك فوائد جمة للصوم , حددها الدكتور أحمد هاشم حيث يقول : (إن اللصوم بما يقوم به من تقليل الطعام وإنقاص عدد الوجبات يساعد على تنظيم معدل مرات التنفس , وذلك لأن الأمعاء بما فيها من قليل الطعام لن تغط على الصدر , القلب والرئتين , فيحدث التنفس بصورة مريحة وتتمدد الرئة دون عائق , وكذلك فإن عضلة القلب سيكون عملها مرتاحا ويقل عدد دقات القلب ومرات التنفس , لأن الجسم ليس بحاجة لبذل مجهود كبير أن كمية كبيرة من الدم المضخوخ للمساعدة في هضم كمية كبيرة من الطعام مثلا).
وعلى مستوى الفوائد العلاجية للصوم يقول الدكتور هاشم : (يرى أطباء أمراض القلب أن الصوم مفيد جدا لحالات عديدة مثل ارتفاع ضغط الدم , غير النوع الخطر , وهم ينصحون مرضاهم بالصوم حتى في غير شهر رمضان , وهم يرون أن تقليل كمية الغذاء يصحبها هبوط نسبة كولسترول الدم وقلة كمية الملح التي يتناولها الفرد , كما أن الجهد الملقى على القلب يقل , لأن كثيرا من أعضاء الجسد كالجهاز الهضمي وملحقاته في حالة راحة نسبية وتحتاج لكمية قليلة من الدم الذي يضخه القلب.
وكذلك مريض الذبحة الصدرية يحاتج لنفس الأسباب , ومثله مرضى قصور الدورة التاجية ومرضى قصور الشرايين الطرفية وبعض حالات مرضى هبوط القلب), وفي مجال تبيين الفوائد الطبية للصيام (أيضا) يقول الدكتور عدنان الشريف : (في الصيام وقاية وعلاج من الأمراض الجسدية , شرط أن يلتزم المسلم بقواعد الطب القرآني في حقل التغذية , وقد سبقت هذه القواعد العلوم الوضعية بقرون , إذ أن القاعدة القرآنية الأولى تنص على أنه لا يسرف في المأكل والمشرب , كما في الاية الكريمة : (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى) (الأعراف 81) , وفي الحديث الشريف ما أثر عنه (ص) من قوله : (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) , (وإن من السرف أن تأكل كلما اشتهيت) , (وما ملأ آدمي وعاءً شرا من بطنه) , (وبحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه , فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) , (وقم عن الطعام وأنت تشتهيه) , و(لا تشبعوا فتطفئوا تور الحكمة من قلوبكم).
ويتابع الدكتور شريف كلامه مشددا على ضرورة عدم التخمة في طعام الإفطار , حيث يقول : (إما أن يتخم الصائم وقت الإفطار , لما امتنع عنه من طعام خلال ساعات الصوم, أو أن يكتفي بالقليل القليل منه اعتقادا خاطئا بأ، في هذا تقشفا وتقربا إلى الله , فهذا ليس من حكمة الصيام في شئ , لأنه المرض عينه , وقد وجدنا من خلال تجربتنا المهنية أن كثيرا من الذبحات القلبية والدماغية وأمراض التغذية والجهاز الهضمي , تكثر خلال شهر رمضان , عند الذين لم يلتزموا أو يعقلوا قواعد التغذية في الإسلام , إن ثلثي الوفيات في العالم اليوم هي نتيجة تصلب الشرايين وفي طليعة مسبباته السمنة و فالسمنة مرض خفي ظاهر , وهي من المسببات الرئيسية لأرتفاع الضغط الشرياني , وتثلب الشرايين والغضاريف , والترسبات الدهنية في مختلف أعضاء الجسم والكبد خاصة , وفي الصيام الوقاية منها شرط الإلتزام بقواعد التغذية التي ذكرناها أعلاه , ليس خلال شهر الصيام فقط بل طيلة أيام السنة ,إن الصيام خلال شهر رمضان, وفي أيام التطوع من بقية السنة , يجب أن يكون ممارسة وتعويدا للنفس كي تلتزم بهذه القواعد الوقائية – الشفائية طيلة أيام السنة التي لا يكون المسلم فيها صائما)
ومضافا للفوائد الطبية التي تعود من جراء الصيام , فإن له فوائد نفسية عظيمة , أظهر هذه الفوائد التعود على الصبر ,لأن أساس الصوم يقوم على الإمتناع عن الطعام والشراب والممارسات الجنسية ...حتى أن الله عز وجل عبر عن الصوم بالصبر في كتابه العزيز , حيث يقول : (واستعينوا بالصبر والصلاة ) (البقرة 45) , كما وأن النبي (ص) يقول : (شهر الصبر , وإن الصبر ثوابه الجنة).
والصبر الذي يعتاد عليه المرء يؤدي لتقوية إرادته , حتى يكون ذلك كدورة تعليمية تدربه على مواجهة الأخطار والمصائب والإبتلاءات التي تعترض الإنسان في مسيرته الدنيوية.
وقد أمرنا الله بأن نأكل دون إسراف , بقوله الكريم :
(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (الأعراف 31) .
وفي الحيدث الشريف أيضا : ( المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء) , على إعتبار أن معظم الأمراض تأتي من الطعام , لذا فإن الحمية ذات دور مهم للمحافظة على الصحة , على قاعدة الحكمة القائلة : (درهم وقاية خير من قنطار علاج) .
الثلاثاء سبتمبر 02, 2008 9:10 am